الرئيسية
ينتاب الكثير من الناس الشعور بعدم أهمية محاكمة الأنظمة الفاسدة لان الأهم بنظر هؤلاء الناس هو ان يرحل النظام الجاثم على صدورهم لعقود عجاف. و قليل من الناس من يرى بضرورة محاكمة الفاسدين انتقاما منهم كأشخاص غير مرغوبين تسببوا لهم بالآم كثيرة.
ما لم تدركه الغالبية العظمى من الناس هو النظر إلى مستقبل ما بعد الحاكم واعتبار محاكمته ليست محاكمة الفرد وإنما هي محاكمة الأساليب الاستبدادية التي حُكمت بها الشعوب المستبدة لعقود طويلة أدت إلى اعتقاد الناس بأحقية الحاكم بامتلاك الناس والتصرف بهم كما يشاء بل وأحقيته بتوريث الشعب لابناءه كقطيع من الأغنام.
فمحاكمة الحاكم المستبد ضرورية واقعية لتؤكد للحاكم اللاحق بان ثمن انتهاك حقوق الشعوب سيدفعه باهض وبالتالي ستكون رادع للتالي متى ما سولت له نفسه الاعتداء على شعبه.
قال الله سبحانه وتعالى : ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب..
حياة اللاحقين هي المعنية لان الذي يطبق عليه القصاص سيفنى وفناءه حياة لما بعده فقتل القاتل قصاصا سيردع كل من تسول له نفسه قتل الآخرين فكلما هم بالقتل تذكر حبل المشنقة وهو يلتف حول عنقه لأنه لن يفلت من العقاب وسيقع بما وقع به سلفه.
فمحاكمة الحاكم المستبد هي ركيزة أساسية لقيام الدولة الوليدة الجديدة التي ضحى من اجلها ملايين الناس بأرواحهم ودمائهم واموالهم.
وغير ذلك من حلول التراضي والتوافق بين الظالم والمظلوم فلايمكن ان نطلق عليها ثورة لان المعنى الحقيقي للثورة هي الانقلاب الجذري للمجتمع وإحداث طفرة سياسية اجتماعية اقتصادية أيدلوجية تحاسب الفاسد وتحافظ على بقاء النافع وكل ما يؤدي الى انتشار الحياة في المجتمع بعد أن أصابها الجمود والتخلف.
ولا يحدث نجاح الثورة إلا بمحاكمة كافة رموز النظام وكل من أدانه القضاء بجريمة يعاقب عليها حسب القانون دون إفراط أو تفريط مع الحفاظ على حقوقهم القانونية والمتهم بريء حتى تثبت إدانته.
كتبه: محمد ألريشي
ابريل 2011
[/size]
